Friday, November 5, 2021

خطوات التعامل مع السلوك السيئ للأطفال

 

خطوات التعامل مع السلوك السيئ للأطفال

أولا : الحوار .


الحوار هي لغة غائبة عن مجتمعاتنا اليوم في علاج أي مشكلة من مشكلات الحياة ، فضلا عن مشاكل التربية التي تواجه كل مربي ومربية ، ولكن للأسف نلجأ سريعا إلى العقاب والضرب والشجار والصوت المرتفع إلى غير ذلك من الأمور التي تعقد الأمور ولا تساعد في حلها .

ولكي ننجح في عملية التربية فلابد على كل مربي أن يستخدم الحوار كمبدأ حياة لا يمكن التخلي عنه أبدا وهذا ما ذكره ربنا في القرءان كثيرا مثل حوار الله مع موسى وحوار عيسى مع قومه وغير ذلك وكذلك ما ورد في سنة النبي صلى الله عليه وسلم من حواره مع الشاب الذي أراد أن يزني ،فعن أبى أمامة قال: إن فتىً شاباً أتى النبى صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله صلى الله عليه وسلم ائذن لى فى الزنا ، فأقبل القوم فزجروه ، وقالوا: مه مه(*)!

فقال له: "ادنه" – أى اقترب منى – ، فدنا منه قريبا ، قال: أتحبه لأمك؟قال: لا والله، جعلنى الله فداءك. قال: "ولا الناس يحبونه لأمهاتهم".قال: أفتحبه لابنتك؟ قال: "لا والله يا رسول الله ، جعلنى الله فداءك".

قال:"ولا الناس يحبونه لبناتهم". قال: أفتحبه لأختك؟قال: "لا والله ، جعلنى الله فداءك".قال:"ولا الناس يحبونه لأخواتهم".قال: أفتحبه لعمتك؟ قال: "لا والله ، جعلنى الله فداءك".قال:"ولا الناس يحبونه لعماتهم".

قال: أفتحبه لخالتك؟ قال: "لا والله ، جعلنى الله فداءك".قال: "ولا الناس يحبونه لخالاتهم".

قال – رواى الحديث – فوضع يده عليه ، وقال:"اللهم اغفر ذنبه وطهر قلبه ، وحصن فرجه"

فلم يكن بعد ذلك الفتى يلتفت إلى شيء .

فرغم خطورة المشكلة التي يعاني منها الشاب إلا أن النبي صلى الله عليه وسلم حلها بالحوار .

وكذلك فنحن يجب أن نستخدم الحوار منهج حياة في التربية المنشودة أسوة بالنبي صلى الله عليه وسلم وأهم شيء في الحوار أن تتأكد أن الطفل قد فهم المعنى الذي تريده فمثلا لو أردت أن تعلم طفلك الاحترام فذلك يكون بشرح مفهوم الاحترام لدى الطفل وبأسلوب مبسط وسهل مع إعطائه شعار بسيط يستطيع الطفل تذكره باستمرار

شعار : عامل الناس كما تحب أن يعاملوك.

وكذلك الحوار الذي دار بين النبي صلى الله عليه وسلم وبين معاذ بن جبل لتعليمه مفهوم الإيمان بالله ومفهوم العبودية

فعَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ -رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُ -قَالَ:» كُنْتُ رَدِيفَ اَلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عَلَى حِمَارٍ فَقَالَ لِي يَا مُعَاذُ؟ أَتَدْرِي مَا حَقُّ اَللَّهِ عَلَى الْعِبَادِ، وَمَا حَقُّ الْعِبَادِ عَلَى اَللَّهِ؟ قُلْتُ اَللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ حَقُّ اَللَّهِ عَلَى الْعِبَادِ أَنْ يَعْبُدُوهُ، وَلا يُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا، وَحَقُّ الْعِبَادِ عَلَى اَللَّهِ أَنْ لا يُعَذِّبَ مَنْ لا يُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا، قُلْتُ يَا رَسُولَ اَللَّهِ أَفَلا أُبَشِّرُ اَلنَّاسَ؟ قَالَ لا تُبَشِّرْهُمْ فَيَتَّكِلُوا.


ثانيا : الملاطفة والنصيحة .

أن من هدي النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان ينصح الاطفال ويعلمهم بلطف إذا صدر منهم سلوك سيء لأن الهدف من ذلك هو تربيتهم وإصلاحهم وفق كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، فعَنْ عُمَرَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ ، قَالَ : كُنْتُ غُلامًا فِي حِجْرِ رَسُولِ اللَّهِ  صلى الله عليه وسلموَكَانَتْ يَدِي تَطِيشُ فِي الصَّحْفَةِ ، فَقَالَ لِي : يَا غُلامُ ، سَمِّ اللَّهَ وَكُلْ بِيَمِينِكَ ، وَكُلْ مِمَّا يَلِيكَ .

فها هو النبي صلى الله عليه وسلم يعلمه آداب الطعام بشكل نصيحة جميلة مختصرة يتقبلها الطفل بلطف ،

وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ قَالَ كَانَ الْفَضْلُ رَدِيفَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَجَاءَتِ امْرَأَةٌ مِنْ خَشْعَمَ فَجَعَلَ الْفَضْلُ يَنْظُرُ إِلَيْهَا وَتَنْظُرُ إِلَيْهِ وَجَعَلَ النَّبِيُّ  صلى الله عليه وسلم يَصْرِفُ وَجْهَ الْفَضْلِ إِلَى الشِّقِّ الآخَرِ، فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ فَرِيضَةَ اللَّهِ عَلَى عِبَادِهِ فِي الْحَجِّ أَدْرَكَتْ أَبِي شَيْخًا كَبِيرًا لا يَثْبُتُ عَلَى الرَّاحِلَةِ أَفَأَحُجُّ عَنْهُ قَالَ نَعَمْ وَذَلِكَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ.

فالنصيحة النصيحة ...أخي المربي لا تمل منها وتتركها فهي وسيلة نبوية نافعة بإذن الله .


ثالثا :الزجر.

الزجر هو عبارة عن نصيحة ولكنها شديدة اللهجة ومحلاة بغلاف الحوار من اجل الوصول إلى الهدف وهو أن يفهم الطفل خطورة هذا السلوك السيئ الذي يصر عليه ، فها هو الصبي يقذف الحجارة بدون فائدة وإنما من أجل التسلية واللعب فزجره النبي صلى الله عليه وسلم فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ الْمُزَنِيِّ ، قَالَ : نَهَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَنِ الْخَذْفِ ، وَقَالَ : إِنَّهُ لَا يَقْتُلُ الصَّيْدَ ، وَلَا يَنْكَأُ الْعَدُوَّ ، وَإِنَّهُ يَفْقَأُ الْعَيْنَ وَيَكْسِرُ السِّنَّ .

وهذا نموذج آخر يبين لنا أسلوب الزجر في التربية فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ : رَأَى النَّبِيُّ  صلى الله عليه وسلمعَلَيَّ " ثَوْبَيْنِ مُعَصْفَرَيْنِ ، فَقَالَ : " أُمُّكَ أَمَرَتْكَ هَذَا ؟ " قُلْتُ : أَغْسِلُهُمَا ؟ قَالَ : " بَلْ أَحْرِقْهُمَا " 

 

 رابعا : التوبيخ .

عندما يقوم المربي باستخدام الأساليب التربوية المتنوعة كما ذكرنا من حوار ونصيحة وزجر في بعض الأحيان فقد يحتاج المربي ما هو أشد من ذلك من أجل ردع السلوك السيئ إذا ظهر من إنسان كبيرا كان أو صغير كما ضرب لنا النبي صلى الله عليه وسلم  أروع مثال لنا في توبيخ أحد الصحابة وهو أبو ذر حينما سب أحد الصحابة بأمه وقال له يا ابن السوداء ، وهذا فعلا شنيعا ليس من أخلاق المسلمين فلما علم النبي  صلى الله عليه وسلم بهذا وبخه أشد توبيخ  حيث قال: قَالَ لِي النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:  يَا أَبَا ذَرٍّ أَعَيَّرْتَهُ بِأُمِّهِ؟ إِنَّكَ امْرُؤٌ فِيكَ جَاهِلِيَّةٌ، إِخْوَانُكُمْ خَوَلُكُمْ، جَعَلَهُمُ اللَّهُ تَحْتَ أَيْدِيكُمْ، فَمَنْ كَانَ أَخُوهُ تَحْتَ يَدِهِ، فَلْيُطْعِمْهُ مِمَّا يَأْكُلُ، وَلْيُلْبِسْهُ مِمَّا يَلْبَسُ، وَلاَ تُكَلِّفُوهُمْ مَا يَغْلِبُهُمْ، فَإِنْ كَلَّفْتُمُوهُمْ فَأَعِينُوهُمْ.

  

خامسا: الهجر  "   فكرة الركن   " .

هذه الوسيلة التربوية في تأديب كل من ارتكب سلوكا سيئا حيث يحتاج المربي إلى تنوع الوسائل المستخدمة وكذلك من أجل تجنب الضرب أو العقاب الجسدي عموما وقد لا نستطيع المعاقبة الجسدية فهذا الأسلوب قد يكون فيه التربية والتأديب الأمثل بشرط أن يكون مفيدا وبضوابط محددة

عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ  قَالَ رَسُولُ اللَّهِ  صلى الله عليه وسلم لِأَبِي ذَرٍّ : أَيُّ عُرَى الْإِيمَانِ أَشْرَفُ ، بَلْ أَوْثَقُ ؟ ) قَالَ : اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ  قَالَ : ( الْمُوَالَاةُ فِي اللَّهِ ، وَالْمُعَادَاةُ فِي اللَّهِ ، وَالْحُبُّ فِي اللَّهِ ، وَالْبُغْضُ فِي اللَّه.  

وكذلك أمر النبي صلى الله عليه وسلم  أصحابه بهجر كعب بن مالك حين تخلف عن غزوة تبوك وأن لا يكلمه أحد أبدا بل ويزيد على ذلك أن جعل زوجته تهجره وتذهب إلى بيت أبيها.

وهذا الحال كذلك لمن أحب سنة النبي صلى الله عليه وسلم واستخدمها في حياته واليك هذا النموذج الرائع فقد هجر عبد الله بن عمر ابنه لأنه لم يمتثل لكلامه حين منع زوجته من الذهاب إلى المسجد  وذكره بحديث رسول الله عن عدم منع النساء من الذهاب إلي المساجد فلما أصر على عدم ذهابها هجره عبدالله بن عمر وقال له لا يقرب لساني لسانك أبدا .

وفكرة الهجر قد تطبق على الأطفال بما يسمى حاليا بفكرة الركن وهي أن يوضع الطفل في ركن من المنزل أو الحضانة لمدة دقيقة مقابل عام من عمر الطفل فلو كان عمر الطفل 5سنوات يوضع في الركن لمدة 5 دقائق وهكذا ولا يتكلم أحد مع الطفل أثناء هذه المدة ، مع مراعاة أن يكون تحت نظر المربي وأن لا يكون المكان مخيفا بالنسبة للطفل ، وإذا ترك الطفل مكانه وتحرك يتم إرجاعه مرة أخرى إلى المكان المخصص .

No comments:

Post a Comment